الثلاثاء، أكتوبر 15

#قصة هل رأيتم هذا الوجه

#قصة هل رأيتم هذا الوجه



قد تبدو هذه القصة من أجل الترفيه والتسلية، وقد تكون حدثت فعلا لكن ليس كحالة مرضية تستدعي الدراسة والبحث من وجهة نظر نفسية، وربما لم تحدث أصلا وإنما هي خدعة الكترونية لإثارة الانتباه لكنها فعلا مثيرة ليس للانتباه فقط وإنما لطرح أسئلة عديدة وإحالتها إلى حالة الوهم الذي يأخذ أحيانا حقوقه الكاملة من التعقل الملازم للحالة الشعورية للإنسان في أغلب أوقاته الطبيعية.

تقول القصة إنه في عام 2006 أثناء جلسة علاج نفسي قامت إحدى المريضات لدى طبيب نفسي مشهور برسم وجه لرجل خشن الملامح قالت بأنها تراه باستمرار في أحلامها، وبأنه دائما ما يقدم لها نصائح بخصوص حياتها الشخصية.

أقسمت المرأة للطبيب بأنها لا تعرف هذا الرجل أبدا ولم يسبق لها رؤيته في عالم الواقع، وأن ما رسمته من نسج الخيال الذي أملته عليها زياراته المستمرة لها في الحلم.

لم يكترث الطبيب للأمر كثيرا، فقد تعود على سماع مثل هذه الاحلام والخيالات والهلاوس من مرضاه، ولهذا تجاهل الموضوع في وقته ولم يعره أي اهتمام وأهمل الصورة التي بقيت بين أوراقه على المكتب، ونسي الوجه الذي رسمته المرأة.

لكن الصورة الملقاة بين الأوراق على المكتب شدت انتباه مريض كان يتلقى جلسته العلاجية عند الطبيب، وما أن وقعت عينا المريض على الوجه حتى صرخ قائلا: هذا هو
هذا الرجل، هذا الرجل أيها الطبيب

وللوهلة الأولى لم يدرك الطبيب ماذا يعني المريض بكلامه، لكنه انتبه إلى أن يد المريض كانت تشير إلى صورة الرجل التي رسمتها مريضته قبل عدة أيام، فسأل الطبيب مريضه: ما بال هذا الرجل هل تعرفه

فأجاب المريض: أنا لا أعرفه شخصيا، ولم ألتق به أبدا لكنه يزورني دائما في أحلامي

ذهل الطبيب ولم يصدق ما قاله المريض وسارع إلى سؤاله للتأكد: هل تعني أن هذا الرجل المرسوم في الورقة يزورك في أحلامك؟

فأجاب المريض وهو ما يزال يشير إلى الصورة نعم نعم، أراه باستمرار ويسدي إلي بنصائح كثيرة حول حياتي

استغرب الطبيب كثيرا ما سمعه من مريضه، فكيف يعقل أن يظهر نفس الرجل المجهول في حلم شخصين لا يعرفان بعضهما!.

ما حدث في تلك الجلسة كان غريبا ومحيرا إلى درجة أن الطبيب بعث بعدة نسخ من صورة ذلك الرجل الغامض إلى عدد من زملائه الأطباء النفسيين، أخبرهم بتفاصيل القصة، وطلب منهم أن يعرضوا الصورة في عياداتهم، لعل مرضى آخرين يتمكنون من التعرف إليه.

وقد تلقى الطبيب خلال الأشهر التالية عدة اتصالات من زملائه الأطباء أخبروه فيها بأن عددا من مرضاهم أقسموا بأنهم شاهدوا رجل الصورة في أحلامهم، ومن هنا بدأت حكاية الرجل الغامض الذي أطلق الناس عليه اسم "هذا الرجل" لأن الأشخاص الذين زعموا رؤيته في الحلم كانوا يصرخون دائما عند رؤية صورته قائلين: "هذا الرجل!".

ومنذ عام 2006 حتى اليوم ادعى أكثر من ألفين شخص حول العالم بأنهم رأوا هذا الرجل في أحلامهم، أشخاص من دول وثقافات ولغات مختلفة: من لوس انجلوس وبرلين وسان باولو وطهران وبكين وروما وبرشلونة وستوكهولم وباريس ونيودلهي وموسكو وغيرها من العواصم والمدن حول العالم، جميعهم اتفقوا على رؤية هذا الرجل في الحلم، وكانت لهم قصص غريبة معه، وجميعهم أيضا قالوا بأنهم لم يعرفوه ولم يسبق لهم رؤيته في حياتهم الواقعية.

انتشرت هذه القصة كثيرا، ولم يعرف أحد إذا كان أحدهم فعلا رأى هذا الرجل في حلمه أم لا، ولم يعرف أيضا كاتب هذه القصة المثيرة، ولم يعرف إن كان ادعاء الذين زعموا رؤيته حقيقيا أم من نسج الخيال، ربما تكون المريضة الأولى التي رسمت هذا الوجه هي فقط من رأته في أحلامها، والآخرون خدعوا بصريا لحاجة نفسية أو رغبة في إحالة الوهم إلى حد التحقق.

ولا بأس حتى وإن كانت قصة للتسلية والإثارة، أن نحاول تفسير رغبة الناس التي ادعت رؤية هذا الرجل، فالحاسة البشرية التي تتعرض للغموض في لحظة معينة يصيبها التشوه وتستجيب للوهم في ذات اللحظة حسب علم النفس، ويعد الوهم البصري من أكثر أنواع الأوهام تأثيرا على الحواس جميعها.

فاعتقاد الذين أصروا على رؤية هذا الرجل، لا يعني أنهم مصابون بالهلوسة أو أن اعتقادهم غير حقيقي من وجهة نظرهم على الأقل، سواء كانت القصة حقيقية أم من وحي الخيال، فالإبداع أيضا يحاكي الواقع، وهذا يشبه إلى حد بعيد تركيزنا في صورة معينة ثم نقل بصرنا إلى الحائط مثلا أو السقف لنرى فعلا تلك الصورة على الحائط، ولا نتساءل فيما بعد إذا كانت الصورة فعلا كانت على الجدار، لأننا مدركون أن بصرنا هو الذي كان على الجدار وليس الصورة.

هم يعرفون أن الرجل لم يكن في الحلم أبدا، وما حدث أن البصر بمساعدة الوهم نقل الوجه إلى واجهة الحلم بدافع الإثارة البصرية والرغبة في رسم حقيقة من خلال وهم، عبر تجسيده في شيء محسوس.

#مسيرة رجل
totoaa59.blogspot.com