السبت، أكتوبر 19

الغراب المتهم 6#

الغراب المتهم 6#



سار سعد بن ورقة من ديار صيعر .. حتى وصل الى ديار ملك الجن المسلم .. عبدالجليل الكاسر .. فوقف عل التلة .. التي وقف بها الملك لما نادى بكلمة فرقت الرمال .. ولكنه لم يتذكر الكلمة التي نادى بها الملك ..

فقال بأعلى صوتة ايها الملك الصالح .. انا سعد بن ورقه قد اتيت على وعدي .. 

فتطايرت الرمال ..وفتحت الابواب التي تؤدي به الى ديارهم .. فاستقبله الملك في اول دخوله .. ورحب به .. وادخله الى دار الضيافة .. وصل ابن ورقة في وقت بين الظهر والعصر.. فصلى وقرا حزبه من القران ..وحينما بدأ في القراءة اجتمعت الجن حوله يستمعون ويبكون ..

فقصد ان يقرا (واذ صرفنا اليك نفرا من الجن يستمعون القران) .. ال اخر الايات 

فقالت الجن بصوت واحد ..سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير 

ماكان سعد بن ورقة يعتقد انه سيلتقي بقوم في هذه الطيبة وهم من الجن ..

ولكنه كان مستعجب من ظلم اولئك الفرسان الذين قيدوه في الغار ..



فذكر ذلك للملك وقال له يامولاي .. ان ابناءك وابناء اخيك لايشبهون هذه الامة التي اراها .. فهولاء قوم صالحون وهم ليسو كذلك .. 

قال له يابني انا منا الصالحون ومنا دون ذلك .. كنا طرائق قددا ..

تزوجنا انا واخي من قبيلة اخرى .. وتربى اولادنا مع اخوالهم فنشأوا بطبيعة فاسقة .. اسأل الله لهم الهداية .. ولكنهم رجال مواقف .. ولايرضون في دين الله طعنا" ولاتنقيصا" ..ويحبون الله ورسوله .. 

قال له بن ورقة والله ان فيهم خيرا .. ونرجو الله لهم .. 

طلب منه الملك ان يبيت ليلته تلك ..ويواصل المسير في اليوم التالي 

وقال له الملك ان عندي كلام كتير اريد ان اقوله لك في هذه الليلة .. فقد اصبحنا اصدقاء .. والود بين الاخوة ليس شيئا سهلا..



ولما كان من الليل طلب الملك من ابن سعد ان يصلي بهم العشاء ويعظ القوم من علمه .. 

فقال له اذن اطلب لي اولادك ليسمعوا موعظتي يامولاي .. 

فبعد ان صلى  سعد بالجن صلاة العشاء .. 

وقف وقال ..

ايها القوم .. ان الله اذا انعم على العباد نعمة.. فلم يشكروها ..سلبت منهم .. واذا اصابهم بمصيبة .. فلم يصبروا عليها .. كانت عليهم وبالا" وذنوبا..

ايها القوم ان الأعجاب بالنفس من شيم الضعفاء .. وان التواضع شأن الاقوياء .. ايها القوم ان القوة بيد الله .. يمنحها لاهل طاعته .. فان اهل المعصية ضعافا ولو قويت اجسامهم .. وعلت قاماتهم .. 

ايها القوم ان الله ارسل رسوله ليبلغ الخلق الهدى .. فلما قبضه اليه.. كان حقأ على امته واحبابه.. ان يكملو لرسول الله صل الله عليه وسلم مهمته .. فيبلغوا رسالته.. وقد قال (بلغوا عني ولو ايه) .. وان الله اعطاكم قدرة لم يأتينا اياها .. وجعل لكم مزايا اكثر منا .. فسخرو قوتكم لنصرة الله .. وسخروا مقدراتكم لمنفعة الخلق .. وفعل الخيرات .. فهذا هو شكر النعم ..

فان اللهو والطرب .. من شأن السفهاء .. وان السكر والعهر لايشبه الابطال الاوفياء .. 

هل يرضى احدكم ان ينادى يوم القيامة .. على رؤوس الاشهاد بالماجن السكير .. وبحضور انبياء الله وعباده الصالحين .. 

عباد الله .. ان هذه الدنيا زائلة .. والعمر فيها محدود .. فسخروا هذه الساعات المؤقته ..للاستعداد ليوم الرحيل الى الدار الابدية.. 

والصلاة والسلام على رسول الله .. اقول قولي هذا.. واستغفر الله لي ولكم .. 

كان الملك يجلس .. ويستمع بكل اعجاب.. وبعد ان قضى سعد من خطبته العصماء .. التي خاطب بها جموع الجن .. دخل القصر مع الملك مكرما .. فجلس معه الملك طويلا.. وتجاذبا اطراف الحديث .. 

فسأله الملك عن علاقته بيوسف التيمي .. فاخبره سعد بالقصة 

حتى وصل الى سلمى المريضة.. التي ترى غرابا وتخاف منه .. فاستغرب الملك من كلامه وقال له .. ان التحول الى الغربان هو سر مملكتنا ..

فان كان ماتراه هذه الفتاة حقيقيا" .. وليس توهما منها .. فان هذا جني من مملكتي .. وهو امر مقدور عليه ..

قال له كيف اعرف ذلك يا مولاي ؟ 

قال عليك ان تراقب .. مداخل ومخارج البيت.. فان رأيت غرابا يقترب منها .. فقل اني من اصحاب عبد الجليل الكاسر.. 

وان عبد الجليل يأمرك ان تايه في الحال .. فانه سوف يفارقها ان سمع منك كلمة السر . فسيصدقك ..

قال ماهي كلمة السر؟ .. 

قال له ..قل له .. (الهامة) .. فانها كلمة السر .. لافراد جنودنا في مشارق الارض ومغاربها .. قال له الهامة هذه التي هي مقدمة الراس؟ قال نعم انها هي .. 


فان لم تر شيئا ولثلاث ايام.. فاعلم ان الفتاة مخبولة تتوهم .. فالله يكون في عونها .. 

فرح ابن ورقة في ليله تلك.. وعلم ان الله اراد له خيرا .. وان الجنود السفهاء الذين اعتقلوه .. وتلك الايام الخمس التي قضاها في الغار .. كانت لخير له ونعمة .. فكم من مصيبة يراها الانسان شرا مسطيرا .. ولكنها خير له .. 

ودوما الخير فيما يختاره الله .. 

اصبح الصباح .. وسافر سعد ابن ورقة الى ديار تيم يمتطى الريح .. وهو اسم لفرس يوسف التيمي من شدة سرعته .. ويسوق معه الابل الاصيله ..

وصل ابن ورقة الى الديار في مسا اليوم الثامن .. ولم يجد في الدي

مسيرة رجل#