نظر ابن ورقة الي عيني يوسف.. ولم يرف له جفن.. ولم ترتعش له يد .. كان ثابتا لايظهر عل وجهه شي من الفرع..
قال له يوسف ماهذا الذي اسمعه يافتى؟
قال هل اخبرتك زوجتك بقولي ؟
قال نعم .. وهل انت تعترف بماتقول؟
قال له ليس هنالك امر عيب فانكره .. ولم اقل شيئا يستحق مني الخوف من عضبك.. سألتني زوجتك عما اشعر فاخبرتها بالحقيقة .. انتم اهل الشأن ..ان كان ماقلته يستحق العقاب . فعلى الدنيا السلام .. من اجل هذه النظرات التي تنظر بها الي..
يكذب عليكم أولادكم .. وينكرون مايفعلون خوفا .. فتدفعونهم الى الكذب دفعا .. لكن لن تجدني جبانا لو قتلتني ..
قل يا عماه .. ماذا اغضبك في قولي؟ ..
لانني شعرت في قلبي شعورا لا اتحكم لي فيه .. ام لانني تكلمت بالصدق عما شعرت؟
قال له يوسف .. كان لك من اول ان شعرت.. هذا الشعور ان تغادر الدار ..
قال له لماذا؟ انا لا أخاف على احد من نفسي ..
لا تسول لي نفسي أمرا يجر علي اللوم .. يصغرني في أعين الرجال ..
انا لا اخون من يطعمني في داره ..
انقضت فترتي ولم ير مني أولادك غير البر والاحسان.. واحتمال الاذى والصبر المتواصل ..
كل هذا الحديث يدور بين سعد ويوسف وزبيدة تنظر ..
التفت اليها زوجها يوسف وقال لها . هل رأيت منه ما يجعلك تشكين في شي ؟
قالت اللهم لا.. ما لفتني شي .. غير وعيه الزائد .. وعقله الراجح .. فرايت انه ليس كالاطفال .. فانتابني الخوف منه فسألته ..
قال له يوسف ..يا بني ليس لدينا عليك مأخذ حت نعاتبك .. ولانستطيع ان نرميك بسوء لم تفعله فنعاقبك .. ولكن ابتعد عن اطفالي ..
قال له سعد سافعل ولكن هل بشي قبل اغادر محكمتك؟
قال قل .. انا اسمع ..
قال له يا عماه لقد وعدتني بتزويج بنتك .. وانا قد اخترت سلمي
فاريدك ان تجدد العهد لي بها تحديدا .. ولا اريد غيرها ..
قال له يابني ان الأوان لم يئن لهذا الكلام .. ونحن أتينا بك للتعليم ..
قال له ولا يمنع ذلك . ان اعلم من هي شريكتي في حياتي ..
قال له يوسف .. هب اني واقفت لك عليها.. ثم كبرت ورفضتك .. ماذا تفعل ؟؟
قال له تكون انت قد افيت بعهدك .. ولكن الله لم يقسم لي فيها نصيب ..
فليس عليك لم بعدها ملامة ..
قال له اقول لك حسنا .. ماذا تقولين يا ام سلمى؟ .. قالت له
انا لم اعده بشي .. ولن اعترض اليوم على عهدك له.. ولكن لي كلمتي في وقتها .. لكل حدث حديث..
ارتحل ابن ورقة الى دار ام الكرام .. كان بين الدارين .. سبعمائة خطوة حسبها سعد يوم ارتحل ..
اقام ابن ورقة مع ام الكرام اربعة سنوات .. كان يحبها حبا جما .. يحترمها ..فمثلت له امه وعطفت عليه واحبته .. كانت تؤثره بالطعام الجيد على اولادها .. اذ انه اصغر من في البيت ..
كان اولاد ام الكرام فرسان اشاوس لايشق لهم غبار ولا تلين لهم قناة
ولا يستطيع المحاربون مجابهتم في ساحات الوغى ..
في هذه السنوات التي اخذها سعد تعلم كل شي .. فكان يخرج لمجالس العرب فيسمع العلم والفقه والأدب الحكمة والشعر والقصص .. وتعلم فنون القتال واسرار الحروب من يوسف التيمي ..
وتدرب كثيرا مع ابناءه المحاربين الافذاذ ..
وكان ذكيا لبقا لماحا.. لما بلغ السادسة عشر من عمره لم يكن احد في البقاع والاصقاع يستطيع منازلته ..
لكنه كان دائما مشغول البال بسلمي.. التي منذ ان خرج من بيته لم يراها ولا مرة ..
حتي في يوم موت اخيها جابر .. ابن ابيها توفي في الثلاثين من عمره .. بسبب الحمى التي اجتاحت اليمن في تلك الايام ..
وكانت تسمى حمى السحايا .. وهو السحائي المعروف ..
لم تخرج سلمي في وفاة أخيها .. ولم تحضر جنازته ..لم يستطيع سعد ان يسأل عنها طيلة تلك الفترة ..
كل اخواتها الصغار والكبار يخرجن .. الى العراء ويذهبن الى الجوار والاعراس ..
الا سلمى .. وكل ما يريد سعد ان يسأل عن سبب عدم خروجها ..كأن شيئا يمسكه ويمنعه .. ولكن جل تفكيره .. يقول انهم ربما يمنعونها الخروج خوفا عليها مني ..
في تلك الفترة كانت الحروب في هذه المنطقة .. تتلاشى وتضمحل الا غارات هنا وهناك ..من طوائف الشيعة الروافض على بعض القبائل السنية ..
وكان يوسف التيمي قائد الجناح العسكري في السنة .. وكان ابن عمه القاسم بن عبدالله التيمي .. من جهابذة العلماء الذين كانوا ينيرون الليالي بعلومهم الغزيرة ..
وكان ايضا بعض الصعاليك البدو يعتدون على الابل ويسرقونها
وكثيرا مايقطعون الطريق على المسافرين والتجار فينهبون اموالهم ويسوقون ابلهم .. وبعد ذلك اما يقتلوهم او يتركوهم في الصحراء للموت بالعظش ..
لما بلغ سعد السابعة عشر من عمره وقد قوي عوده .. وسمق جسده .. فكر في الرجوع الى اهله ..
تغيرت فيه كثير من الطباع .. فاصبح كثير السكوت .. يطيل النظر الأرض .. كثير الحياء والخجل ..
جلس يوما في الصباح امام يوسف التيمي .. وراسه مطأطا الى الارض بكل ادب ..
وقال له ياعماه .. منذ شهر وانا اريد ان اتحدث معك ولكن الحياء منك يمنعني .. فاليوم جررت الغطاء على قلبي لاخاطبك .. ياعماه .
. لقد اكرمت نزلي .. وعطفت
تابعوناا