الغراب المتهم# 9
دخل سعد# الى البيت ليأتي بالسيف ..ولبس ضرار درعه واخذ المجن (الدرقة) وجاء الى المبارزة .. خرج سعد من غير دررع ولا مجن ولا سيف .. بل يحمل تلك العصا اللامعة .. التي اهداها له الملك عبدالجليل .. فاستغرب القوم وقالوا له ماهذا يافتى؟؟ ..
قال سعد تريدون المبارزة.. وانا لا اريد ان اجرح الفارس .. قالو له ولكنه لن يرحمك ..
قال لهم لا أساله الرحمة .. فان قدر علي فليفعل مايشاء ..
قالو ماذا تقول يا ضرار؟ .. قال عصاه فليضرب بها .. وسيفي ساضرب به ..
وابتدأت المبارزة .. واتخذ سعد وضعية الدفاع .. فلم يستطيع ضرار ان يوصل له ضربة .. فكان العصاء في يده كأنها برق .. كلما تحرك سيف ضرار صرفه منه ..
ولما طالت المبارزة .. هاج ضرار وماج.. واصبح يضرب كالمجنون ..
ويقول له انك ميت اليوم يابن ورقة .. فضربه سعد على كتفة الايسر
فسقط المجن منه.. لم يستطيع ان يتناوله ..
فهاج بالسيف ويده اليسرى كانها مشلولة .. ثم جاءته ضربة اخرى بالعصى على كتفه الايمن .. فسقط سيفه .. ولم يستطيع ان يمسك به ..
فاصبح يصرخ من الغضب والعجز كأنه مجنون .. ويقول ان العصا تصعق كالبرق .
التفت ورقة الى يزيد الحاقد.. وهو يتبسم فخورا بابنه .. وقال له ماذا رايت يا يزيد؟ .. لعل ابني قد اخرس لسانك ..
فقال احد القوم لو سمحتم لي بقول اقوله ..
اننا نحتاج لفارس واثق وقوي .. وصغير في السن .. فان ضرار قد اضعفه الغرور والعمر .. وترك التدريب وهو يظن انه لاغالب له ..
فانني اقترح ان يكون سعدبن ورقة قائدا ..
فقال سعد وانا لا اقبل بهذا الان .. ولكني سأكون اليد اليمني للفارس ضرار .. قال له ابوه احسنت يابني .. هكذا ربيناك.. وهكذا يكون اهل الثقة .. والايمان والتواضع ..
سمعت المنطقة جميعا بأن سعد بن ورقة.. جاء من ديار تيم وقد برع في فنون القتال .. ونال من العلم مالم يكن يحلم به احد من اهل قبيلته..
وبدأ الناس يأتونه من مشارق الارض ومغاربها.. يطلبون العلم .. والفقه .. ويستفتونه في مسأئل الفقه المعقدة .. وكان لكل سؤال له جواب .. ولكل معضلة عند حل ..
مرت اشهر ولم يعلم ماذا حدث مع يوسف التيمي .. وماذا فعل الملك عبدالجليل .. ولم يخبر احدا من اهل بيته بماجرى له مع الجن .. او التهمة التي الزقت به ..
ولكن في يوم من الايام مات الفرس الاسود.. الذي اهداه له يوسف التيمي.. فبكى سعد عليه كأنه ابنه .. هذا الفرس الذي يعرفه منذ خمس سنوات ..
وفي شدة بكأئه سأله ابوه ..
وقال له يا سعد.. كلما اريد ان أسالك انسى .. هل ما زال يوسف على وعده لك ان يزوجك ابنته؟ .. فقال.. لا يا ابي ان البنت التي اخترتها مرضت .. فتنازلت له من طلبي .. واكتفيت بالحصان والسيف ..
قال له امرض لا امل في شفائه؟ .. قال له انه اصيبت بعقلها .. فهي غير مكلفة باختيار زوج او الموافقة عليه ..
قال له احسنت يابني.. وفي كل محنة عندك حكمة بالغة ..
توفي زعيم قبيلة من قبائل العرب .. وكانت وفاته خبرا هز بقاع شمال اليمن كلها حتى بلغ عمان .. فركب وفد من قبيلة بني عجلان لواجب العزاء والمواساة .. ويحملون التعازي من زعيم القبيلة..
وكان في الوفد ورقة والد الفتى ..
فلما وصل الوفد الى مكان مايريدون .. قابل وزقة صديقه يوسف التيمي .. فلما رأه ورقة تهلل وجهه .. وفرح فرحا شديدا .. وجاء وسلم عليه .. وقال له والله لو يايوسف التيمي.. لو اخدمك عبدا فاغسل قدميك وادهن راسك .. لا استطيع ان اوفيك حقك فيما قمت به مع ابني سعد ..
اسأل الله تبارك وتعالى ان تجد البركة في ذريتك ..
كان يوسف التيمي مندهشا" مبهوتا"
فهو كان يظن ان ورقة سيذله امام الناس.. بسبب تهمة ولده ..
ولكن ورقة اساسا لايعلم شيئا عن هذه التهمة.. التي القيت على ابنه البرئ ..
ثم قال ورقة ليوسف .. ونسأل الله تعالى ان يشفي ابنتك من المرض..
قال له او اخبرك سعد انها مريضة ؟
قال له نعم لما سألته عن الوعد الاخير ان تزوجه ابنتك .. قال لي ان البنت التي اختارها مرضت .. وهي لا تكلف..
فهم يوسف التيمي .. ان سعد لم يحكي لابيه شيئأ مما جرى ..
فاغروقت عيناه ودمعت .. وقال في نفسه ان هذه الفتى جوهرة
من جواهر الصلاح في هذه الارض ...لو لم يعفو عني لهلكت ..
ثم التفت الى صديقه ورقة .. وقال له .. يا ورقة ان ابنتي شفيت بحمد لله .. فقل لابنك ان يأتي ويأخذ امانته ..
قال له نعم نعم ..
ساخبره وسنأتيك .. ان شاء الله في موكب مهيب تسمع به العرب في المشرق والمغرب .. وساكون من اسعد الناس.. وفي بيتي بنت يوسف التيمي .. صديقي ومعلم ابني ..
يايوسف التيمي.. ان ابني اصبح بارعا في العلم والحديث .. والفقه والادب .. يناهز الفصحاء ويسكت الفصحاء .. ولا يستطيع ان يجاريه احد من الشعراء . علاوة على ماعنده من فنون الحرب واتقان المبارزة .. فلا أدري كيف اشكرك ..
قال له ياورقة ان ابنك عقل ناضج .. وقلب متقد .. وروح ثائرة
لايعرف الكذب ولا يتسهويه الملاهي .. لم ينظر الى قدميه ولم يشتكي احد عليه .. فنال بعقله مانال من العلم والشرف .. و
يتبع.....
مسيرة رجل#