
جبل_الجن#
الجزء الرابع#
عند ذلك بدأ محمد بالقيام بعدد من الحركات الغريبة التي جعلت الملازم يأمر الجندي بأخذه ورعايته حتى يكمل معه التحقيق في وقت آخر، فأدخله الجندي مع باقي المحتجزين، فلم يهتموا بأمر، وناموا جميعًا.
ثم أفاق أحدهم مذعورًا وهو ينظر إلى امرأة عجوز تضرب محمدًا ضربًا شديدًا، وتقول له: أنت من قتل ابني، وتضحك بشدة، فانطلق الرجل إلى الباب مسرعًا، وأخذ يضرب الباب بشدة حتى أفاق الجميع، فدخل الجنود ووجدوا محمدًا يبكي والدم ينزف منه، فانطلقوا مسرعين وأخبروا الملازم، فأمر بوضع محمد في حبس انفرادي، فلما وضعوه وعندما هموا بإغلاق الحجز وجدوه ينتفض بشدة، فأمر الملازم أحد الجنود بالبقاء بجوار الحجز حتى طلوع الشمس.
وفي الليل سمع الجندي صوت شخير محمد المزعج، ففتح الباب ليطمئن عليه، فإذا هو أمام سبعة أطفال بجوار محمد، فلم يصدق عينيه، فأقفل الباب بهدوء وعاد إلى موقعه مرةً أخرى وظل متشبثًا بسلاحه.
ثم بعد ذلك قليل ذهب ليفتح الباب مرةً أخرى، فوجد في هذه المرة امرأةً ذات شعر أسود طويل تمسح على رأس محمد وتبكي، ثم نظرت إلى الجندي قليلًا، ودخلت في جسد محمد كما ينساب الماء، عند ذلك تجمد الجندي المسكين في مكانه، وسمع صراخ أطفال ونساء، فسقط على الأرض مغشيًا عليه، وترك الباب مفتوحًا.
عندما أتى جندي آخر بكوب من الشاي إلى زميله ووجده على هذه الحالة أسرع وأخبر الملازم بما حدث، وبعد أن جاءت الإسعاف اتضح أن الجندي قد مات بسكتة قلبية، فأمر الملازم الجنود بالتزام الكتمان حتى لا ينتشر الرعب بين أهالي القرية.
ثم انطلق الملازم إلى محمد وجره إلى مكتبه، وهدده بالقتل إن لم يخبره كيف مات الجندي؟ عند ذلك انهمرت دموع محمد، وأجاب بأنه لا يدري، فطلب منه الملازم أن يسجل اعترافاته كلها بعد إلحاح منه على العميد بعدم نقل محمد إلى مكان آخر حتى يأخذ أقواله، فحمله العميد المسئولية كاملة.
ثم قال الملازم بصوت مليء بالحقد على محمد بعد موت الجندي:
أكمل وقل لي كيف مات ناصر؟ وكيف وصلت إلى هنا بكل هدوء لأن الغضب بدأ يدخل في عروقي؟
فأكمل محمد بحسرة قائلًا:
بعد مرور الشهور في ذلك الجبل، كان ناصر يحتضر من شدة المرض، وبينما نحن في تلك الحالة دخلت علينا امرأة تحمل طفلًا صغيرًا ميتًا، كانت المرأة التي رأيناها أول يوم، ودخل من خلفها خمسون تقريبًا من أطفال ورجال ونساء، فالتفت إلي ناصر وهو يبتسم ابتسامة وداع..
عند ذلك أصاب محمد ما يشبه نوبة الصرع، فأمر الملازم بتثبيته جيدًا، وبينما هم يثبتونه إذ سمعوا صوتًا غريبًا يخرج من محمد قائلًا:
دعوا محمدًا ينهي قصته بسرعة لأنه سيعود إلى بيته وأهله.
عند ذلك سأله الملازم في قلق:
من أنت؟
قال:
أنا مارد أحد ملوك الجن.
قال الملازم:
وماذا تريد من هذا الشاب المسكين؟
فأجاب الجني:
نحن لا نؤذي إلا من يؤذينا.
فقال الملازم:
ألا يكفي ما فعلتموه.
قال:
لا.
قال الملازم:
لماذا لا تقتلونه وتنتهي أحزانه.
فقال:
ليس هذا وقت قتله.
ثم انقطع صوت الجني، وأخذ الملازم يبكي مما أصاب محمدًا، ثم أمر الجنود بحراسة محمد، وذكرهم بالله تعالى، فحملوا محمدًا وهو ما زال يصرخ وينتفض حتى أعادوه إلى الحبس الانفرادي.
❥ يتبع ❥
مسيرة رجل#
totoaa59.blogspot.com